بــ‘ـيــــونة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

للجيل خالي من المواد الفاسده...ههه


    سندريلا ونورة .. جدتهما واحدة!

    zainab
    zainab


    عدد المساهمات : 124
    نقاط : 10958
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 29/06/2010

    سندريلا ونورة .. جدتهما واحدة! Empty سندريلا ونورة .. جدتهما واحدة!

    مُساهمة  zainab الثلاثاء يوليو 06, 2010 8:05 am


    | المزيد
    سندريلا ونورة .. جدتهما واحدة!
    « الذهاب إلى الحفلة » حدث مفصلي يقود لتغيير واقع البطلتين
    لطيفة بطي
    تناولنا في موضوع سابق المقارنة بين قصة (نبعة أخت السبعة) من التراث الشعبي المحلي، وبين قصة (سنو وايت والأقزام السبعة) من الأدب العالمي، وفي موضوع اليوم سنتناول قصة (نورة والسميميجة -سميميكة- تصغير سمكة) من التراث المحلي، وقصة سندريلا من الأدب العالمي.

    في قصة سندريلا تعاني البطلة اليتم المبكر، وكما في كل القصص تقع تحت سطوة زوجة الأب الصارمة والقاسية، وتحظى بكل أعمال المنزل من تنظيف وطهي وترتيب، فيما بنات زوجة الأب يحظين بكل أنواع الدلال والرعاية والراحة، وفي قصة نورة تتيتم مبكرا، ويتزوج الأب الصياد الفقير من امرأة ذات بنت لترعى ابنته مع ابنتها، وتحظى نورة كما سندريلا بكل أعمال المنزل الشاقة دون مساعدة واحدة من ابنة الزوجة، وتظل دائبة العمل حتى اليوم الذي يحضر فيه الأب سلة من السمك، ويطلب إلى زوجته شواءها لحين عودته من عمل ما، تسارع الزوجة إلى نورة طالبة إليها تنظيف السمك وشواءه قبل حضور الأب، وإلا كان المزيد من العقاب في انتظارها، ترضخ نورة للأمر، لكنها أثناء تنظيف السمك يصدر عن إحدى السمكات صوت يثير فزعها وانتباهها، إذ تتحدث السمكة طالبة منها أن تعيدها إلى البحر وستكافئها نظير ذلك، ترق نورة لحال السمكة، لكنها تخشى سطوة زوجة الأب إن خرجت وتركت السمك دون شواء، فتعدها السمكة أنها حين تعود للمنزل ستجد أن عملها في المطبخ تم إنجازه، وتم تنظيف السمك وشيه، وكلما احتاجت إلى شيء عليها أن تعود للبحر، وتوجه النداء للسمكة التي ستخرج لها وتلبي حاجتها.

    حفل وعمل

    يعلن في مملكة سندريلا عن رغبة الأمير في الزواج من أجمل فتاة يراها في الحفل المقام، من أجل ذلك الأمر، فتسارع كل البنات إلى التجمل لحضور الحفل عدا سندريلا التي تأمرها زوجة الأب بمساعدة ابنتيها على إنهاء تجملهما ثم تحذرها من مغبة الخروج من المنزل، وإنهاء كافة الأعمال المتأخرة فيه، سندريلا الحزينة وقتها تلجأ إلى عرابتها وهي الجنية التي حضرت مولدها وتخبرها عن رغبتها بحضور الحفل، فتقوم الجنية بتحويل يقطينة إلى عربة ملكية فاخرة، وتتحول الفئران إلى أحصنة تقودها، وبعضهم إلى حرس وقائد للعربة، ولا تنسى أن تشير إلى سندريلا بعصاها السحرية، فتتغير هيئتها تماما بالملابس الجميلة والحذاء الزجاجي، وتطلب منها الجنية ألا تتأخر عن الساعة الثانية عشرة ليلا، لأن مفعول السحر وقتها سينتهي وستعود كما كانت، تقضي سندريلا ليلتها مع الأمير وسط دهشة وإعجاب الجميع وتساؤلهم عن هويتها، وتغادر الحفل في وقتها تماماً.

    وفي مدينة نورة يتم الإعلان عن حفلة، لتختار زوجة السلطان عروسا لابنها، وجميع بنات المدينة مدعوات إلى ذلك الحفل، وبطبيعة الحال تجّمل الأم ابنتها بمساعدة نورة وإمعانا في الإذلال تقوم بخلط الأرز بالعدس، وتطلب إلى نورة أن تمضي الوقت في تنقية الأرز من حبات العدس، وعليها أن تنهي ذلك الأمر قبل حضور الزوجة، وابنتها من الحفل.

    في التقليد العربي الآباء والأمهات هم من يختارون رفقاء المستقبل لأبنائهم، ولا يحظى الشاب أو الشابة بلحظة اختيار تحدد المصير خلافا للقصة التي تم اللجوء فيها للالتفاف على المحظورات عن طريق الحفل، ليتم الاختيار، وان كان باسم السلطانة، إلا أنه كان لابن السلطان حضور أبدى خلاله إعجابه بنورة، كما أنه في القصتين نرى أن الدعوة للحفل لا تحدد شرطا سوى الجمال في عروس المستقبل، ونرى فيه قبولا للتمازج والتداخل بين الطبقات في المجتمع بإعلان الدعوة لحضور الحفل لكافة الفتيات، رغم أن القادرات على الوصول هن فقط من يقاربن الطبقات العليا في بحبوحة العيش!

    وكما سندريلا تلجأ نورة إلى السمكة التي تذهب لمناداتها والشكوى لها من تسلط زوجة الأب وقهرها، فتخبرها السمكة ألا تقلق، وأنه تم إنجاز أعمال المنزل لها، وعليها أن تعود لغرفتها وستجد من الملابس والجواهر ما يذهب العقول، ولكن عليها أن تعود في الوقت المحدد قبل منتصف الليل، وإلا عاد كل شيء كما كان، وفي رواية أخرى إن السمكة تجمّلها للحظتها وتمنحها أساور ذهبية، وتحول سمكة إلى فرس تذهب بها للحفلة، وبعد أن تتجمل نورة وتذهب للحفل تصبح مثار حسد وإعجاب وغيرة من الجميع.

    في كلتا القصتين، كان أمر الذهاب للحفلة حدثا مفصليا، يقود لتغيير واقع البطلتين فيما بعد، كما أنهما تحتفظان بسريهما الصغيرين وبلجوئهما إلى كائنات خرافية أو غير بشرية «الجنية، السمكة»، لتحقيق الأحلام والانتصار على الواقع المهين المذل، وكلتاهما تسمعان كلمات الإطراء والاعجاب والغيرة من زوجتي الأب والأخوات بابتسامات خفية، كما يتم تحديد موعد زوال السحر بمنتصف الليل، والذي على البطلتين ألا تتجاوزاه سهرا.

    في ليلة ذهاب سندريلا للحفل لليلة الثالثة، يمضي الوقت مع الأمير دون أن تنتبه لاقترابه من ساعة زوال السحر، وما إن تسمع دقات الساعة حتى تسارع بالهرب مخلفة حذاءها الزجاجي الصغير، هائمة في الطريق، وقد زال عنها السحر مخلفة الحسرة في نفس الأمير.

    وفي قصة نورة وبعد أن تمضي الوقت أيضا برفقة ابن السلطان، تنتبه لانتهاء الوقت واقترابه من منتصف الليل «لم تحدد القصة أداة توقيت مثل ساعة أو ربط الوقت بصياح الديك مثلا وتركته للتقدير الذاتي»، فتفر هاربة من الحفل ومخلفة حذاءها الصغير وحسرة في قلب الشاب الذي لم يتعرف بعد إليها أكثر فأكثر.. وفي الرواية الأخرى عندما تغادر نورة الحفلة تشعر الفرس بالعطش فتميل بها نورة نحو عين الماء لتشرب، وتسقط إحدى أساورها في الماء، وفي اليوم التالي يميل ابن السلطان على عين الماء ليشرب، فيرى الأسوارة اللامعة، ويعلن أنه لن يتزوج إلا من صاحبة (المعضد)..في كلتا القصتين، تتأخر البطلتان في السهر وتغيبان بشخصيتيهما، ولا تتركان سوى حذاءين صغيرين أو حذاء وأسوارة لقيادة وقص الأثر خلفهما.

    الصبر والظفر

    يعلن في مملكة سندريلا عن أن الأمير لن يتزوج إلا من صاحبة الحذاء، وعليه سيقوم بعض رجال الملك بطرق البيوت لتقيس الفتيات الحذاء، ومن انطبق الحذاء على قدمها انطبق شرط الأمير في الزواج منها، وكذا يعلن في مدينة نورة أيضا عن نفس الأمر، ويقوم بمهمة ذلك رجال وعبيد السلطان.

    تجرب الفتيات حذاء سندريلا، ولكن لا يقيس أيا منهن، وعند الوصول لمنزل سندريلا ينطبق الأمر على ابنتي الزوجة، وقبل أن يهم الرجال بالرحيل، يسألون إن كان في المنزل أحد لم يجرب الحذاء وبغباء من زوجة الأب تخبرهم، أن لا وجود لسوى خادمة وهي لا تغادر المنزل، فيطلب الرجال منها أن تجرب الحذاء فلا استثناء للفتيات حتى لو كن خادمات، ويبدو أن زوجة الأب ما كانت تقصد بذلك سوى تجريح سندريلا وتعريضها للمزيد من الإذلال، وهي ترى الحلم يتبخر في عينيها، وللدهشة المثيرة ينطبق الحذاء على قدم سندريلا، فتخرج الفردة الأخرى التي لم يشملها زوال السحر، كما شمل الملابس والعربة وغيرها، ويهتف الرجال حاملينها إلى قصر الملك، معلنين العثور على عروس الأمير.

    في قصة نورة تطول الخاتمة قليلا، وإن كانت تأخذ نفس المنحى، فبعد يأس الرجال من انطباق الحذاء على قدم أي فتاة في المدينة أو الاسوارة على يد أي بنت يتجهون لمنزل نورة، وتقوم زوجة الأب بحبس نورة في التنور، وتضع الرحى فوقه، وتنثر الحب حولها ثم تساعد ابنتها على حشر قدمها في الحذاء الصغير دون فائدة وعندما يعزم الرجال على الرحيل، يسألون إن بقي أحد في المنزل لم يقس الحذاء، فتنفي المرأة بمكر أن لا أحد، لكن الديك الذي ينطق فجأة كما السمكة سابقا يصيح «كوكوكو، عمتي نورة في التنور والحب حواليها منثور»، يستمع الرجال لصيحة الديك فيعنفون المرأة على قسوتها، ويخرجون نورة التي تقيس الحذاء وتخرج الفردة الأخرى، والتي لم يشملها أيضا زوال السحر.

    للعالم جدة واحدة

    يقوم ابن السلطان بإرسال المال والجواهر والملابس لتتهيأ عروسه نورة للزواج، لكن زوجة الأب تصادر كل ذلك لحساب ابنتها، وإمعانا في القسوة تجبر نورة على أكل البصل والثوم في يوم عرسها كي يأنف الشاب منها ويتركها، ولم تفد توسلات ودموع نورة لزوجة الأب في إيقاف تلك المعاناة، وفي الرواية الأخرى أن زوجة الأب تطلب مهر نورة كيسا من تمر وسلة متوت - سمك صغير مجفف- تجبرها على أكله، لكنها ما إن تحظى بلحظات بعيدا عن عيون زوجة الأب حتى تسارع للبحر وتنادي «يمة يا سميميكة»، فتخرج السمكة من البحر وتخبرها نورة عن البصل والثوم الذي أجبرت على أكله، وعن مصادرة هدايا عرسها، فتغوص السمكة وتعود لها بنبتة من البحر تطيب رائحتها وأنفاسها كما أنها تحشوا جوفها لؤلؤا يتناثر عنها، كلما ابتسمت أو تكلمت، ويصل الأمر إلى أن يكون اللؤلؤ أيضا بديلا عن مخلفات نداء الطبيعة! وتعود نورة للمنزل، لتجد أن غرفتها بفضل السمكة أيضا امتلأت بكل ما يبهر العين من جوهر ولبس ومال وعندما يطرق ابن السلطان الباب ليصطحب عروسه تفتح له الزوجة الباب وهي متأملة هروبه من رائحة البصل والثوم، ولكنه ما إن يخرج برفقة نورة من غرفتها حتى تصاب الزوجة بالدهشة والحيرة، وهي ترى جمال نورة الأخاذ واللؤلؤ المتناثر من بين شفتيها عندما كانت تقوم بتوديعها وشكرها على الحياة التي أمضتها معها، ولأن الجزاء من جنس العمل فإن الزوجة عندما يقترب زفاف ابنتها تاليا، تجبرها على أكل البصل والثوم لتطيب رائحتها ويتناثر اللؤلؤ من فمها كما نورة، لكن هروب الزوج منها كان أسهل من سقوط حبة لؤلؤ واحدة من فمها ذي الرائحة الكريهة.

    ربما كان للعالم جدة واحدة أبدعت مخيلتها كل الحكايات التي نتوارثها والتي هي بحاجة إلى جدات جديدات يضفين عليها الحياة من جديد بتفاصيل جديدة تناسب عالم اللاأسرار واللاغموض الذي نعيشه والدهشة فيه لا تتعدى الثواني القليلة، إن كان هنالك أساسا من دهشة في عالم يبدو فيه كل شيء ممكنا وقبض أيدينا، وكل اللامعقول يتحول إلى (معقول ونص) أيضا!

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 2:14 am